الأربعاء، 20 يناير 2010

رسائل تفتح بمعرفتها فقط (3-4)


الرسائل الأكثر شهرة على الإنترنت والمواقع الإلكترونية والأكثر تعرضاً للسرقة

الرسالة الثالثة:
تحية طيبة. وبعد،،،


لا تبكي ... دعيهم يا حبيبتي يقولون أي شيء، فهم لا يعلمون؛ وإن علموا فلن يفقهوا. هم إنما كمن يصفق في حفل خيري لجمعية الصم والبكم، ألم تلاحظي أن مكبرات الصوت لم تكن تعمل! إذن دعيهم يصفقوا كيفما شاؤوا فالتصفيق في حد ذاته لا يرفع الناس قدراً إنما ترفعهم أعمالهم، وأعمالهم فقط هي من تضعهم في محك حقيقي عندما يعجز الخطاب أعلاه عن التطبيق.


هل علمتِ بأمر ذلك الصراع؟ العجوز الذي يرفع رايةً أثقل من تحمله مسئولية أبنائه الأربعة، عجوز لا يفرق بين التمييز والمفعول المطلق، يرفع راية اللغة في وجه جيش لا قبل له بهم. ألم ترِ الجيش قد يمم شطره عائداً عندما لم يجد معركة حقيقية متكافئة، فوقف الشيخ على قمة تلٍ رملي، وغرز فيه رايته الثقيلة عليه، ورفع قبضته مكتفياً بإصبعين علامة النصر! إنها مهزلة يا حبيبتي، فلا عليك.


حبيبتي تركتك آخر مرة، وأنت لست بخير، وأعلم أن خوفك عليّ سوف يستمر إلى أن يشاء الله، ولكنني بخير، فقط تزعجني في الغرفة أنثى بعوضة، ليس لها من القدرة إلا أن تمتص دمائي وأنا نائم، وبعض الضجيج. فلا تخافي يا حبيبتي، سوف أشتري طارد حشرات؛ حيث أنه بخيس الثمن.


لي الآن بعض القصائد التي أحرمها على الناس، لأنها لا تعنيهم كثيراً .. فقط تعنينا نحن. وتلك القصائد يا حبيبتي لن تر النور إلا عندما تطفأ جميع الأنوار غير الصالحة للإضاءة، وعندما يصبح وجهك هو المكان الوحيد الذي يضيء. حزنك لا يليق بوجهك الوضاء، فلا تحزني أرجوكِ بل تمني لي أن أعود سالماً من رحلتي القادمة. كل ما عليك هو أن تعلمي أني أحبك مثلما لن تتخيلي. لأنك الإنسانة الوحيدة التي تتمتع بالموهبة اليسوعية في المسح؛ فامسحي على جرحي لكي تزول هذه الجراح، وامسحي على عيني كي أرتد بصيراً، وامسحي على تاريخي كي أنسى كل التواريخ إلا تلك التي سمعت فيها صوتكِ أول مرة.


ابن عمي بخير، تبتلعه حمى مهووسة، وحرب الكريات البيضاء لا تنتهي أبداً .. لكنه يتعالى في بعض حالاته على التأوه فيقول قصيدة جميلة أو يهذي باسم حبيبته؛ هي الأخرى لم تعد تسأل عنه، ربما تخاف من ألسنة أولاد (الحِلة) الجالسين على الدوام قرب عامود الإضاءة في الشارع المقابل. شباب يصفرون كلما مر (باص سيرة) وهو كثيراً ما يمر من هنا، ربما كان نفس الباص يمر كل مرة! ليته - ابن عمي -يفيق ليعلم أني أحبه.


بعض الأخبار المتفرقة التي أحجبها عنك، ربما لأجد عذراً لأكتب لك في المرة القادمة يا حبيبتي فكوني بخير حتى ذلك الوقت، ولا تنسي أن تقبل صورتي المعلقة على صدرك، أو تلك الصغيرة التي في سلسلة المفاتيح، وأنا لن أكف عن تقبيل صورتك كل صباح.




الرسالة الرابعة:
صباح الخير حبيبتي .. كيف كان يومك البارحة؟ ماذا حملت لكِ شقيقتك من أخبار عن الوطن؟ هل جلبت لك كعادتها القونقليز والنبق والحلومر؟ أعرف أنك تحبين هذه الأشياء. بلغيها تحياتي رجاءً. أعلم يا حبيبتي أن الأشواق أصبحت بيننا آيديولوجيا مرهقة وباهظة التكلفة، ولكنه لزوم ما لا يلزم يا حبيبتي؛ ولا بد أن تنقشع هذه الظلمة يوماً ما، حينها سيصبح كل ذلك الصباح لنا، وكل ذلك الفضاء أيضاً. لنا لأننا نعرف كيف نضحك دون أن تخدش ضحكاتنا حزن الآخرين. لن نشمت بهم؛ فهم كالنار مهما علا لهيبها فلابد أن تموت عندما يهطل المطر؛ إذن فاستمري في صلاة الاستسقاء، وأنا أيضاً سأفعل الشيء ذاته.


بالأمس يا حبيبتي زارني صديق ظننته لن يعود، لكنه عاد. الأصدقاء يا حبيبتي نادرون؛ لذا لا تجدين في ألبوم صوري إلا شخصين متكررين في كل صورة. الذين يقبلونني كما أنا عليه دونما محاولة للتغيير. أنا كما أنا، تماماً كما أحببتني أنتِ : مزاجياً، عصبياً، غيوراً، مهملاً في أداء الصلوات الخمس، كسولاً . فهذا هو أنا بكل بساطتي التي تعرفين. لا أعرف ارتداء الأقنعة المبتسمة في وجه من لا أطيق رؤيتهم . بعضهم يسميها مجاملة، البعض الآخر يسميها اجتماعية. لا عليكِ فهم لا يسمون الأشياء بأسمائها.


هل أخبرتكِ عن ترقيتي الأخيرة؟ نعم .. لقد كان خبراً ساراً لي، لا يضاهيه شيئاً إلا ابتسامتك في وجهي. لو تعلمين كيف أن ابتسامتك هي أجمل الهدايا التي أحنطها في زوايا غرفتي الصغيرة. لو تعلمين كيف أني امتلئ بالروح والابتسامات العابرة منك في كل مكالمة، إذن لكانت الابتسامة هي وضعيتكِ الافتراضية دوماً. كم أحب بساطتك في طرح الأشياء والأسئلة. كم أحب رقتك التي تعني قوتي، وتعني حضورك فوق العادة. وكم أحبك يا حبيبتي لأنك إنسانة بسيطة غير متكلفة حتى في لحظات ابتسامتها.


كيف هي جارتكِ التي تسكن الطابق العلوي؟ بالأمس رأيتها في برنامج تلفزيوني. كانت رائعة عندما تحدثت عن الحجاب وعن حقوق المرأة. تعجبت عندما تذكرت كلامك عن مشاكلها الكثيرة مع زوجها. فقط لاحظت أنها تحدثت كثيراً عن حقوق المرأة، لدرجة أن وقت البرنامج انتهى قبل أن يطرح عليها المذيع سؤاله عن واجباتها. لا أقول لكِ احذريها، بل على العكس؛ هي تحتاج منكِ إلى الشفقة، علماء الكلام لا يفعلون غير اللف والدوران، عندما يمعنون في الحديث عن مخارج الأصوات، ووظيفة اللسان، بينما نحن نتكلم – هكذا بكل بساطة - دون أن نعرف كل ذلك. الأمور البسيطة يا حبيبتي لا تحتاج إلى كل ذلك. أشفقي عليها لأنها حقاً مسكينة.


دعينا من الآخرين الآن .. كيف أصبحت الآن؟ أتمنى صادقاً أن تكوني تماثلتِ للشفاء. لن تتخيلي كيف أشتاقكِ الآن. عندما تفاجئنني بـ(بحبك) وأنا أتحدث إليك، أصبح كمن أضاع أبجدية الكلام. تصبحين في عيني قطتي التي تحب المشاغبة. ألم أقل لكِ إنني أحب القطط؟


حبيبتي .. يا أمي حين لا أجد بداً من أن أضع رأسي على صدرك في لحظة صدق. ويا صديقتي عندما يضيق صدري بسرٍ فأكاشفك به، ويا عصاي التي أتوكأ عليها عندما أهون في أعين الناس، ويا منتهى قوتي عندما أهون أمام نفسي. إليك يا كل تواريخي وأسمائي زهرة في لحظة انتشائها، لماذا يريدون أن يحفروا هوة الخصام بيننا؟ لماذا يريدون أن يملئوا المسافة التي بيني وبينك بالنظريات الخرقاء والهشاشات التي لا تستقيم. أنا أحبكِ لأنك أنثى استطاعت أن تخترقني دون أن أغريها بذلك. أنثى تفهم أن الأنوثة تبقى رغم بقاء الرجولة. أنثى تراني بكل بساطة دون فلسفة، ودون كثير كلام. فقط هي الأنثى التي أحبها من تستطيع أن تفعل كل ذلك.


حبيبتي .. ألم أقل لكِ من قبل، أن غيابك يرهقني؟ ألا تشعرين أن خطاباتي إليك لا تحتوي الكثير من التعقيد كما في قصائدي؟ أحاول أن أكون بسيطاً في محراب عشق بسيط. لا ندعي أننا عاشقان فريدان من نوع خاص، إنما كل ما يميزنا أننا نفهم معنى العشق حرفياً دون أن نقرأ الكتب، ودون أن نحاول تطبيق النظريات. الحب لا يعني شيئاً آخر غير الحب، ولا تخافي يا حبيبتي لن أعيرها انتباهي تلك التي تحاول خرق توليفتنا الخاصة. دعيها تعزف النشاز كما تشاء، رغم أن المستمعين لها كثر، إلا أنه لا يهمني منهم إلا أنتِ . أنتِ فقط من تعيش داخلي بكاملها.


أمر آخر أحببت أن أقوله لكِ : بدأت أدمن شرب القهوة مؤخراً .. أليس هذا أمراً مضحكاً؟ في الرسائل القادمة سوف أحكي لك قصصاً عن جاري الجديد. إنه رجل (تحفة) بكل ما تعني هذه الكلمة.


ختاماً .. قبلاتي لك ومحبتي التي لا يعتريها الظن



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق