الأربعاء، 20 يناير 2010

رسائل تفتح بمعرفتها فقط (1-2)


الرسائل الأكثر شهرة على الإنترنت والمواقع الإلكترونية والأكثر تعرضاً للسرقة

الرسالة الأولى:
الساعة الآن تمام الواحدة صباحاً، والحزن أو الخوف – أيهما أعمق – يملئ الفراغ بين عيني وبين شباك رديء الإحكام، يسرب ضوءاً خافتاً من الشارع الأبكم. الكل تقريباً نائمون، وأسمع أصوات مرور العربات المسرعة من بعيد تخدش قدسية الصمت الإجباري الذي أسكن فيه، تماماً كما يفعل التلميذ عندما يخط خطاً أفقياً على سبورة سوداء، ناصعة السواد. العتمة المقلّمة بكاروهات الضوء الخافت هي قميص الرؤية المبتلة بدموع تسيح كالشمع على وجه لا أعرف ملامحه على وجه الدقة.


أما بعد ،،،


كم أشتاقكِ هذه اللحظة تحديداً. أعرف أنني معلق على بوابات تاريخك المعاصر. اسماً منقوشاً على خشبة باب متهالك بفعل الرطوبة. العتمة الحالية هي الجو الأمثل لسينما الذكريات، كل المقاطع لقطات لوجهك في أكثر من حالة: وجه مبتسم كابتسامة الأطفال، وجه غاضب، وجه سارح، وجه حزين، وجه متيم، وجه يحمل في كل سم2 منه ذكريات مؤلمة وأحلاماً ما تزال معلقة على مداخل أملٍ مصاب بالهزال.


لا تسأليني كيف أكتب لك في هذه العتمة، ربما لن أستطيع أن أشرح كيف تستحيل العتمة دفتراً بأوراق بيضاء، وتصبح العينان محبرتين، وهاجسي قلم، إنها فلسفة الألم يا حبيبتي، عندما أعتمد على سيكولوجيا التواصل اللاإرادي، أتكئ على جدار بارد من الشعور الذي لا ينام؛ أعرف عندها أنك مستيقظة، ومستعدة لتلقي الرسالة.


لا أعرف عدد صفحات هذا الدفتر، ولكن الليل كفتاة مومس، تمشي بغنج، تنشر عطرها الأسود في الأرجاء، ويتعلق طرف ثوبها بمسمار ما في أقاصي أطراف السماء، فلا تتحرك. كل ما أملك أن أقوله لك أنني أحبك رغماً عن المكالمة الأخيرة، وأعشق رائحتك التي تعني أن أنتمي، وما تزال صورتك بالقميص T-Shirt الأسود عالقة بذهني سواء أغمضت عيني أو فتحتهما. اعلمي فقط أنني أريدك كما لا يغادر النحل زهره آخذاً منها الرحيق وتاركاً آثار رائحة.


أثقلت عليك؟ إذاً تصبحين علي !!




الرسالة الثانية:
علها تصلك لتجدك بخير ...


ربما تدور عقارب الساعة بشكل عامودي، عندما أفكر في كل لحظة أنك في مثل هذا الوقت ربما تفكرين بي كما أفعل، وفي وقتٍ آخر تقرأين قصائدي القديمة. متى كانت آخر مرة دخلتِ فيها أرشيف ذكرياتنا لتتذكري لحظة ضحكنا فيها من أعماقنا؟ أكيد أتذكرها كأنها كانت البارحة فقط، وتسألين: من لون هذا الجدار باللون الأسود؟ الألوان يا حبيبتي محض هراء، نحن من نخترع اللون واللغة؛ هي إنما معادلة ما نحس بمقدار الضوء المتاح.


بالأمس .. بعد انتهاء ساعات العمل، غادرت إلى غرفتي، استلقيت على سريري كما يستلقي الصياد اليائس على مركبه وهي تموج به في البحر؛ بيد أن بحري كان يابساً هوناً ما، والغيوم التي تقبل السماء كالمراهقات كانت قطع جبسية معلقة على السقف المستعار، وفي كل لوح ثمة صورة لك.


اعذريني يا حبيبي .. هذه المرة لا أحمل غير ورقة واحدة، وجهها الآخر غير صالح للكتابة، ولا أنتظر منك رداً، فقط يكفيني أن تقبّلي الرسالة بعد أن قراءتها، قبّليها رجاءاً لأني حينها سأتمكن من النوم.


ملحوظة:
كيف هي أختك الصغرى؟ بلغيها تحياتي الحارة.

هناك تعليقان (2):

  1. مااجمل هذا الأثير..
    فهو يحمل أطيافهم إلينا
    أوتدري..دائما أعود الى أرشيف ذكرياتي ..عفوا" أنا لا أعود أنا أعيش هناك..أقرا قصائدهم وكتاباتهم واوقن اني كل مرة ضحكت فيها معهم كانت من أعماقي فقط لأنهم معي..

    دوما استلقي يائسة..لكني الفرق بيني وبينك أن بحري لاييبس فكفا بدموعي كفيلة بهذه المهمة

    همسة:
    اعتقد ان الله يحب الالوان..وكيف لا بوجود كل هذه الألوان من حولنا؟؟

    ردحذف
  2. الأخت: آمنة أحمد
    تحياتي

    وأعتذر لكِ عن تأخر ردي

    كتابة الرسائل أشبه بتأليف نوتة موسيقية، تستفز كل مشاعرنا وذكرياتنا الجميلة والمؤلمة، تعيدنا إلى حالة الصفاء الإنساني فنبدو كالأطفال وهم يلعبون في الطين ويحطمون الأشياء بكل براءة

    ترى هل يفعل الأطفال ذلك ليكتشفوا العالم أم ليكتشفوا أنفسهم ومقدراتهم؟

    أسعدني وجودك هنا عزيزتي، وسعيد بأن النص قد نال جزءاً من إعجابك وسوف أستمر في نشر بقية الرسائل بعد توقف قسري خلال الأيام الماضية

    تحياتي لك

    ردحذف