الخميس، 18 ديسمبر 2014

غلاف الرواية الفائزة بجائزة نجيب محفوظ 2014

منحت الجامعة الأميركية في القاهرة جائزة نجيب محفوظ للأدب لعام 2014 للكاتب السوداني حمور زيادة عن روايته «شوق الدرويش» (دار العين). وجاء في حيثيات الفوز أن هذه الرواية هي «سرد لقصة الحب والاستبداد والعبودية والقهر والثورة المهدية في السودان في القرن التاسع عشر... ما جعلها تجسد المشهد الحالي في المنطقة حيث تعم الفوضى نتيجة للتطرف الديني». ولفتت لجنة التحكيم إلى «الثراء الملحمي»، و»تعدد مستوى الخطاب اللغوي» في رواية حمور زيادة (1977) الذي يقيم في مصر و «شوق الدرويش» روايته الثانية، وهو أول كاتب سوداني يفوز بهذه الجائزة.

وأضاف تقرير منح الجائزة: «الرواية تصور الدمار الذي سببته الثورة المهدية- وهي حركة دينية متطرفة عنيفة - على نحو مبهر من السرد والشعر والحوار والمونولوغ والرسائل والأغاني والحكايات الشعبية والوثائق التاريخية، وحتى الترانيم الصوفية والابتهالات الكنسية وآيات القرآن والتوراة والإنجيل». وفضل زيادة في كلمة استلام الجائزة الحديث عن رمزية الأسود في نفسية الكاتب «الرجال ذوو الوجوه المحترقة»، واحتفت شهادته بالحكي والحكايات كوسيلة للونس وكسر حواجز الوحدة في بلاد «ترتمي بين غابة وصحراء، تثقلها جبال ويرطبها نيل، لا يحدث فيها شيء، ويحدث فيها كل شيء». ثم قال: «لولا الحكايات لكنا أكثر عزلة وأشد وحشة».

فوز حمور زيادة، قوبل بترحيب شديد، لكونه كاتباً قادماً من خارج دوائر الانتشار الثقافي وحتى الصحافي داخل القاهرة، ليس لأنه سوداني، ولكن لأنه يقدم نفسه وكتاباته من هذا المبدأ، وربما يعزى إليه الفضل الأول في السرية التامة التي غلفت اسم الفائز هذا العام. عدا هذا فحمور زيادة معروف بتغلغله في صميم الحياة المصرية ويتكلم على صفحته الشخصية في «فايسبوك» مثلاً عن الثورة المصرية التي عاصرها وشارك فيها بكثير من الوعي والحماسة وبمفردات عامية مصرية لا تجعلك تشك في مصريته الأصيلة. هذه الحيوية النابعة أيضاً من اشتغاله بالصحافة في بلده يغلفها بخلطة أخرى على النقيض تماماً من الخجل والإنطوائية و»الثقل»، أو قل «الرزانة». وهذا يفسر أن حضور حفلة الجائزة التي أقيمت في «القاعة الشرقية» في حرم الجامعة الأميركية في وسط القاهرة، خلا من الكتاب المصريين المعروف عنهم حرصهم كل عام على حضور تسليم الجائزة. وامتلأت القاعة إلى جانب فريق الجامعة الأميركية والكثير من الصحافيين، بأصدقاء الكاتب المعدودين على أصابع اليد الواحدة ومعظمهم خارج الوسط الأدبي، وأمه التي تقيم معه في مصر منذ قدم إليها في 2009.

كلمة حمور زيادة، خلت من الحديث المعهود عن طبيعة الجائزة نفسها أو عن محفوظ نفسه، وجاء اهتمامه بالفن ووظيفته في كسر حواجز الوحدة، وأن «شوق الدرويش» تقدم «شيئاً من الونس، تلتقي بوجداننا السوداني ووجدان الجماعة الإنسانية»، مثلما آمن نجيب محفوظ في مقالة استشهد بها زيادة، تقول إن وظيفة الفن هي التقاء الشعوب في شعور واحد. أما السياسة التي يمكن التقاطها في كلمات الفائز عن العزل والسود فإنه لا يتطرق إليها إلا من مدخل الحكي في بلاد تزخر بـ»تراث متراكم من الحكي والمرويات والأساطير والتاريخ الثقيل». وهذا المنحى هو ما تدور حوله أعماله المتمثلة في مجموعتين قصصيتين وروايتين. وزعم زيادة في كلمته أن ذلك التراث هو ما لفت نظر لجنة تحكيم الجائزة، وقال: «ما حاولت أن تقدمه رواية «شوق الدرويش» هو قبس من حكايات بلاد الرجال ذوي الوجوه المحترقة، حكايات عن معاناتهم وأحلامهم وهزائمهم وأساطيره».

لم يغفل زيادة في كلمته الاستشهاد بأستاذه الطيب صالح الذي يجله إلى حد التقديس ويلحق اسمه دائماً بلقب «سيدي». وذكر أن الأديب المصري يوسف إدريس قال للطيب صالح: «حين أقرأ لك يا الطيب أحس بالونس». المقابلة مع الطيب صالح لم تكن مصادفة؛ حيث قارنت شهادة لجنة التحكيم التي قرأتها في الحفلة الناقدة تحية عبد الناصر رئيس لجنة التحكيم بين رواية حمور زيادة و»موسم الهجرة إلى الشمال» من حيث أنها تكتب قصة العشق في التاريخ، ورفض البطل الأسود لواقعه، وعجزه الكسير والوحشي في آن أمام فكرة الآخر. وانتهت اللجنة إلى أن الرواية من هذا المنحى تعتبر «ملحمة تاريخية عن الحب والثأر والتطرف والعبودية».

هناك 3 تعليقات: