الأربعاء، 23 يوليو 2014

يصدر قريبًا جدًا: كتاب الهرطقات



يصدر قريبًا عن دار أوراق للنشر بجمهورية مصر العربية كتاب (هرطقات في النقد الأدبي المعاصر) للروائي والكاتب السوداني هشام آدم، وهو كتاب من القطع المتوسط ويقع في (385) صفحة. كتاب الهرطقات كتاب استثنائي يقدم رؤية جديدة وثورية للغاية لمفهوم النقد الأدبي العربي المعاصر، ويهاجم بشدة مفاهيم نقدية راسخة يعتقد الكاتب أنها كانت السبب في تكلّس الأدب العربي، وعدم منافسته للآداب العالمية الأخرى، رغم قيمتها الفنية العالية في كثير من الأعمال. يعتبر الكتاب ضربة قاصمة لكل ثوابت النقد الأدبي العربي المعاصر، ويحاول وضع أساسيات مفاهيمية جديدة في الأدب العربي. إنه كتاب يُمكن أن يوصف بأنه "قنبلة" حقيقية؛ فإما أنه سوف ينجح فعلًا في قلب الموازين، وإحداث نقلة نوعية فارقة في الأدب العربي أو أنه سيضع كاتبه تحت مقصلة النقد، وأمام نيرانها المفتوحة، وهو المصير الذي تنبأ به الكاتب لنفسه؛ إذ جاء في مقدمة الكتاب: "في اعتقادنا الشخصي فإن مادة هذا الكتاب قد تلقى هجومًا لاذعًا من قبل النقاد الكلاسيكيين أو من أسميهم بكهنة المنهجية الأكاديمية، وربما كان ذلك سبب اختيارنا لكلمة هرطقات اسمًا لهذا الكتاب، لأن الهرطقة قد تكون توصيفًا جيدًا لكل ما هو خارج عن المألوف والمشاع والمسموح به والمنصوص عليه مسبقًا".

يأتي الكتاب في فصلين: الفصل الأول مقالات نقدية وهو يتناول بعض القضايا المتعلقة بالأدب والنقد الأدبي، بينما يحتوي الفصل الثاني منه على تطبيقات نقدية على نصوص أدبية من كافة الأجناس: شعر، قصة قصيرة، رواية. وتأتي أهمية الكتاب من عدة مناحي؛ حيث يُسلط الكتاب الضوء على الأدب السوداني ومشكلاته، كما لم نقرأه أو نعرفه من قبل، كما أنه يضع أمامنا قضايا شائكة ومعقدة للغاية، قد نرفضها من الوهلة الأولى، ولكنها بالفعل تستحق المناقشة والتوقف عندها؛ فالكتاب يدعو إلى "نسف" المناهج والمدارس النقدية المعروفة، ويدعو في المقابل إلى قيام مدارس نقدية عربية أصيلة؛ وفي هذا يقول الكاتب في مقدمة الكتاب أيضًا:

"هذا الكتاب يحاول الإشارة، بشكل شديد الوضوح والجرأة، إلى تهافت ما يسمى بالمنهاج النقدية، والتي تعتمد على نتاج النقدي الغربي، من واقع أنها تجربة إنسانية يمكن الاستفادة منها؛ بل ولا يمكن تجاوزها، كما يرى البعض. فكثير من حركات النقد الأدبي العربي تشترط الإلمام بمسارات الحركات النقدية الغربية؛ لاسيما الأوربية منها، ولا تكتفي باشتراط الإلمام فحسب؛ بل وتحاول تطبيق هذا المنجز الغربي على النصوص العربية. نحن، في هذا الكتاب، نرى أن محاولات تطبيق المنجز النقدي الأوربي-الغربي هي محاولات فاشلة، وربما كانت أحد أسباب تدهور وتأخر الحركة النقدية العربية، والتي في اعتقادنا لا تنفصل عن مجمل مكونات الثقافة العربية، والتي تعتمد على الاستهلاك بشكل متواكل لا يؤهلها لإنتاج أي فعل نقدي خاص بها؛ إلا فيما ندر طبعًا. ونحن هنا نحاول أن نقول إن الحركة النقدية تنطلق في أساسها من النص الأدبي الموجود، والنص الأدبي ذاته ينطلق من الواقع الثقافي والتاريخي ولا ينفصل عنه؛ وبالتالي فإن محاولة إسقاط النظريات النقدية الغربية، وتطبيقها على النص العربي، هي محاولات فاشلة إلى الحد البعيد جدًا، لأن هذه التطبيقات تفتقر إلى مراعاة الجانب الثقافي والتاريخي، وخصوصية كل من هذين العنصرين، كما وأنه يتجاوز عامل خصوصية اللغة؛ فكل لغة لها خصوصيتها الثقافية والبنيوية والدلالية؛ بل والتاريخية كذلك، بحيث يصبح من العبث فعلًا تطبيق المناهج النقدية الغربية على النصوص الأدبية العربية."

كما أن الكتاب يتناول رؤية جديدة للقصة القصيرة؛ فيرفض وبشدة مسمى القصة القصيرة للجنس الأدبي المعروف الآن، ويعتبرها "رواية قصيرة" على أنه في الوقت ذاته يرى أن الرواية المعروفة الآن ليس بها ما يسمى رواية قصيرة ورواية طويلة؛ فالرواية القصيرة بحسب الكتاب هو مصطلح مرتبط تمامًا بما بالقصة القصيرة المعروفة الآن، وهذه رؤية جديدة قد تكون صادمة فعلًا، وقد قدم الكاتب في كتابه مبررات هذه الدعوة الغريبة والجديدة، وهي مبررات تجعلنا نتوقف عندها كثيرًا للدراسة والمناقشة.

ورغم المفاهيم الثورية التي يحملها هذا الكتاب الكارثي، فإنه لا يفترض فيه أن يكون سوى خطوة أولى نحو التغيير الذي يرجوه الكاتب من كتابه، وهو ما أسماه بالصحوة النقدية؛ ولهذا يقول الكاتب في موطن آخر من مقدمة الكتاب: "إن الانتباه إلى هذه الإشكالية المنهجية الخطرة -في تقديرنا- قد تعقبه حركات تنويريه أو تصحيحية، أتمنى أن تأخذ مسارًا أكثر جدية وقوة مما قد يفعله هذا الكتاب، وأتمنى أن يحدث هذا الكتاب صحوة نقدية قد تساعدنا لاحقًا على تدارك الوضع، الذي يزداد سواء كلما ازداد التصاقنا بالمنهاج النقدية الغربية، وكلما أصررنا على تطبيق هذه المناهج في النصوص الأدبية العربية، وكلما ازداد إصرارنا، أيضًا، على اعتبار النقد عملًا منهجيًا وأكاديميًا موضوعيًا."

إنه كتاب خطير، ويستحق القراءة؛ بل ويستحق دراسة ما جاء فيه من نقاط ثورية لها قوتها التبريرية. ومن نافلة القول إن هشام آدم هو روائي صدرت له مجموعة من الروايات، (أرتكاتا)، و(السيدة الأولى) و(أرض الميت)، و(بتروفوبيا)، و(قونقليز) وهذه الأخيرة نال عليها الكاتب جائزة الطيب صالح للإبداع الروائي في العام 2010 من مركز عبد الكريم ميرغني الثقافي بأمدرمان – السودان.  

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق