الأربعاء، 15 يوليو 2009

رسالة تخصها فقط

حبيبتي ...

هذا الليل يُذكرني بك، وهذا البرد يجعلني أشتاق أحضانك الدافئة. كل الليالي التي لم ننتهز فيها غفلة الرقيب، ونسرق قبلة أو عناق ليتها تكون في ميزان أمنياتنا القادمة، رصيداً إضافياً لعشق لم يكن مُعافى في هذه البلاد.

أكتب إليك وأنا أعلم جيداً أن الكتابة فعل جبان مواز للمجابهة، وضد اتفاقنا المبدئي. أكتب إليك لأنني لا أحتمل أن أرى عينيك كلوزتين طافيتين على ملح بحر، ولا أحتمل أن تقولي لي: "لا تسافر"، ثم أعصي! تتجاذبني رغبتان قويتان على الفور، رغبة أن أبقى من أجلك، ورغبة أن أسافر من أجلنا.

هذه البلاد لم تتسع لي ولإنسانيتي التي انتزعها الجنود ورجال الدين. انتهكوا خصوصيتي وأنا أحلم بك، وأنا أفكر فيما وراء الكون. لا أهرب منك أو عنك، فأنتِ تعلمين كم أحبك، ولكنني فقط لم أشأ أن تريني مسخاً مشوهاً تحت بند "إنسان" في هذه البلاد التي يُضاجعها العساكر كل يوم، ويلفها رجال الدين تبغاً حلالا ودستوراً لغابة إنسانية.

حديقتي بلا أسوار، والقانون الجديد يُلزمني بتسوير الحديقة، ووضع لافتات تدل على أنها حديقة؛ رغم أن أشجارها تتقيأ الأغصان والأوراق على قارعة الطريق، والسناجب تشهد على ذلك، ولكنه القانون.

لم ينزع الإنسان إلى أن يكون مقيداً دائماً؟ هل يخاف الحريّة؟ هل الحرية شيطان مارق أم عفريت آبق؟ لماذا أصبحت الحرية ضداً للإنسان في مرآة الروح وأوراق الدستور البيضاء؟ لماذا أصبحت الحرية في قواميس الحكومة مرادفاً للتآمر والعصيان؟ هذه أسئلة سخيفة، وهرطقات مارقة دون شك.

فقط أبعث إليك بهذه الرسالة لأبلغكِ بأنني مسافر إلى المجهول، فلا تسأليني عن أيّ شيء كان قبل تاريخ الرسالة، فأنا لم أكن أحبك. سأحبك يوماً ما كما أشتهي وكما يحلو لكِ ولكل أنثى تحمل على صدرها ألف خلية بلا جدران بلازما، ولا سياط رقيب. سأحبك يوماً ما عندما أجد نفسي أو يجدها أحدهم بمحض المصادفة: على شاطئ البحر، أو على رصيف شارع مكتظ بالعابرين، أو في حانة خمر بائسة، أو على أعتاب أحد الدور المقدسة

رسالتي الثانية ستكون مع أول شهيق صباحي حين أستيقظ من هذا السُكر على صياح ديك أجنبي

فإلى اللقاء

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق