منذ أن قامت الزمرة الحاكمة بانقلاب عسكري على الحكم في الخرطوم في الثلاثين من يونيو/حزيران عام 1989م بقيادة المدعو عمر حسن البشير وهي لا تكف عن التنكيل بالشعب السوداني والتضييق عليه بكافة الأساليب، وتنهال عليه بصنوف التعذيب والإهانة الموجّهة لكرامته وإنسانيته في المعتقلات السريّة منها والعلنية، وتغتال كل يوم حقوقه الأصيلة والمشروعة كإنسان ومواطن له حقوق في هذا الوطن. منذ عشرين عاماً وهذا الشعب يُعاني الهوان والمذلّة والفقر داخل وطنه، لما سببته هذه الحكومة من قطع للأرزاق وتضييق للمعائش مما دفع بالملايين من هذا الشعب للاغتراب واختيار هذه المحنة بطواعية تبعث على الشفقة.
جاءت هذه الزمرة العسكرية متخفية تحت شعارات عديدة أولها كان شعار "ثورة الإنقاذ" وربما تفاءل الكثيرون بهذا الشعار لتخليصهم من المعاناة التي كانوا يعيشونها على يد الحكومات السابقة. واتخذ البعض مقولة "هذا أفضل السيئين" ليُبرر لنسق الرضوخ الذي اكتنف الشارع السوداني منذ قيام الثورة وحتى إبان المحاولات الوطنية للإطاحة بهذه الحكومة.
إن تاريخ السودان الحديث منذ استقلاله في الأول من يناير/كانون الثاني 1956م لم يشهد غير المحن المتعاقبة، والمحاولات المتكررة لإهانة الشعب السوداني واغتصاب حقوقه وسرقة موارده الطبيعية التي لم يذق من خيرها على مدار هذه السنوات الطويلة، بل كان دائماً قابعاً تحت وطأة التهميش والاستغلال على إبان الحكم الديمقراطي في جميع مراحله.
لقد جرّب الشعب السوداني كافة الأطياف السياسية التي لم تفتأ –منذ الاستقلال- تمارس عمليات السرقة والنهب المؤسس لخيرات البلاد، وتمارس أبشع الجرائم الإنسانية ضد هذا الشعب الذي هتف لكل حكومة جاءت آملاً في كل مرّة أن يتغيّر الوضع، وأن تكون كل حكومة خيراً من سابقتها؛ ولكن لم يحدث شيء من ذلك.
مازال السودانيون يتذكرون جيداً النكبات الاقتصادية الكبرى التي حلّت بالسودان، ودفع ثمنها من مواطنته وكرامته الإنسانية وسيادته على أرضه ووطنه، ومن رفاهيته المشروعة وحقوقه الدستورية. كما يتذكرون سلسلة الاغتيالات والتصفيات الجسدية التي كانت تمارس ضد هذا الشعب بشكل مؤسس وواعٍ إما بطرق مباشرة متمثلة في الإعدامات والمحاكمات غير الشرعية وحملات الإبادة الجماعية أو غير مباشرة متمثلة في احتكار المواد التموينية الأساسية وتفشي الفساد الإداري والتهميش الذي طال قطاعات واسعة من فئات الشعب.
ومازال الشعب السوداني يتذكر تلك المآسي الدموية المحفورة بمداد من الدم على صفحات التاريخ السوداني، ومازالت صرخات أرواح الشهداء في الجزيرة أبا وود نوباوي والعيلفون وحلفا وكجبار والمناصير وكلما ودارفور والشرق تدوّي في الآذان حتى اليوم. مازال الشعب السوداني يتذكر المعتقلات التي أشرف عليها جهاز أمن نميري والتعذيب الذي عانوه على يد أولئك السفاحين من انتهاك لكرامتهم وإنسانيتهم وآدميتهم وشرفهم.
هذا التاريخ الطويل من الإساءات والإهانات الموجّهة للشعب السوداني توحي بأمر واحد فقط، وهو أنّ التنظيمات السياسية الحالية ما هي إلاّ مجرّد عصابات سياسية لا تتورّع عن القيام بأيّ شيء في سبيل مكاسبها الشخصية؛ حتى وإن كان ذلك على جثث المواطنين أو على حساب كرامتهم وحقوقهم ورفاهيتهم.
وإن كان مستشار –لا أقول رئيس- ولكن سفاح جمهورية السودان مصطفى عثمان قد صرّح -دون حياء- بأننا كنا كالشحاذين قبل مجيء ما يُسمى بحكومة الإنقاذ فتلك حقيقة تاريخية لا يعيبها غير استخدامه لصيغة الماضي، فالشعب السوداني تم تشحذيه بمعرفة الحكومات المتتالية، ولم تكن حكومة الإنقاذ بأفضل حالاً من سابقاتها، فإن كان الشعب السودان مارس الشحاذة في أزمنة الديمقراطيات الثلاث، أو الحكومات العسكرية من قبل، فإنهم الآن انقلبوا من شحاذين إلى أضحيات تُساق مرغمة إلى حتفها من أجل أن تظل هذه الحكومة متربعة على عرش الحكم.
نعم كان الشعب السودان شحاذاً حضرة المستشار، ولكن ألم تسأل نفسك: لماذا اضطر الشعب للشحاذة؟ وهل كفّ عنها الآن؟ أولستم أنتم من قاموا ببيع أراضي السودان بمن فيها من مواطنين ومزارع وبهائم لصالح الاستثمارات الأجنبية؟ ألم تقوموا ببيع الأراضي النوبية للحكومة المصرية إبان أزمة الرغيف؟ ألم تقوموا ببيع جزيرة توتي للاستثمارات العربية؟ ألم تبيعوا الأرض التي سيقام عليها مدينة دريم بارك؟
أولستم أنتم من قاموا بمجابهة المواطنين العُزّل في كلما "بالسواطير" دون أن تراعوا حُرمة الإنسان قبل المواطن؟ ألم تُجابهوا مواطني كجبار بالذخيرة الحيّة فقط لأنهم يتمسكون بأراضيهم وحاولوا كشف زيف ادعاءاتكم ومخططاتكم الشرهة في نهب ثروات هذه البلاد بالكذب والتلفيق تحت مسميات "المشاريع التنموية"؟
لا يا سيادة المستشار، نحن لم نكن شحاذين، بل مازلنا كذلك حتى اللحظة. وإن كانت الحكومات السابقة قد علمت على تجويع هذا الشعب وإفقاره ونهبه كل حقوقه، فإن حكومة الإنقاذ –التي أنت مستشار لقائدها- قد مارست ضد هذا الشعب أبشع من ذلك بكثير. فقط حضرة المستشار تذكر قبل أن تقودك العفوية إلى موارد الزلل في خطاباتك القادمة أنّ حكومتكم متهمة بأبشع الجرائم التي يُمكن أن تُرتكب في هذا العالم، وتذكر أن المشاريع التنموية التي تمنون بها على الشعب ليل نهار ما هي إلاّ جزء من حقوقنا، وهي كل واجباتهم التي يتوجب عليكم القيام بها. إنه من العار –حضرة المستشار- أن تمّنوا على مواطني "ألبان جديد" بالكهرباء ونحن في أعتاب القرن الحادي والعشرين!
فقط إن أردت أن تتأكد إن كنا شحاذين أم ما نزال؛ فما عليك إلاّ أن تسأل رئيس جهاز المغتربين عن عدد السودانيين العاملين والمقيمين بالخارج، وتقارن نسبة الاغتراب في الأعوام ما بين (1956-1989) و (1989-2009م) لتعرف الحقيقة التي تحاول تزويرها وإيهام الرأي العام العالمي بها.
جاءت هذه الزمرة العسكرية متخفية تحت شعارات عديدة أولها كان شعار "ثورة الإنقاذ" وربما تفاءل الكثيرون بهذا الشعار لتخليصهم من المعاناة التي كانوا يعيشونها على يد الحكومات السابقة. واتخذ البعض مقولة "هذا أفضل السيئين" ليُبرر لنسق الرضوخ الذي اكتنف الشارع السوداني منذ قيام الثورة وحتى إبان المحاولات الوطنية للإطاحة بهذه الحكومة.
إن تاريخ السودان الحديث منذ استقلاله في الأول من يناير/كانون الثاني 1956م لم يشهد غير المحن المتعاقبة، والمحاولات المتكررة لإهانة الشعب السوداني واغتصاب حقوقه وسرقة موارده الطبيعية التي لم يذق من خيرها على مدار هذه السنوات الطويلة، بل كان دائماً قابعاً تحت وطأة التهميش والاستغلال على إبان الحكم الديمقراطي في جميع مراحله.
لقد جرّب الشعب السوداني كافة الأطياف السياسية التي لم تفتأ –منذ الاستقلال- تمارس عمليات السرقة والنهب المؤسس لخيرات البلاد، وتمارس أبشع الجرائم الإنسانية ضد هذا الشعب الذي هتف لكل حكومة جاءت آملاً في كل مرّة أن يتغيّر الوضع، وأن تكون كل حكومة خيراً من سابقتها؛ ولكن لم يحدث شيء من ذلك.
مازال السودانيون يتذكرون جيداً النكبات الاقتصادية الكبرى التي حلّت بالسودان، ودفع ثمنها من مواطنته وكرامته الإنسانية وسيادته على أرضه ووطنه، ومن رفاهيته المشروعة وحقوقه الدستورية. كما يتذكرون سلسلة الاغتيالات والتصفيات الجسدية التي كانت تمارس ضد هذا الشعب بشكل مؤسس وواعٍ إما بطرق مباشرة متمثلة في الإعدامات والمحاكمات غير الشرعية وحملات الإبادة الجماعية أو غير مباشرة متمثلة في احتكار المواد التموينية الأساسية وتفشي الفساد الإداري والتهميش الذي طال قطاعات واسعة من فئات الشعب.
ومازال الشعب السوداني يتذكر تلك المآسي الدموية المحفورة بمداد من الدم على صفحات التاريخ السوداني، ومازالت صرخات أرواح الشهداء في الجزيرة أبا وود نوباوي والعيلفون وحلفا وكجبار والمناصير وكلما ودارفور والشرق تدوّي في الآذان حتى اليوم. مازال الشعب السوداني يتذكر المعتقلات التي أشرف عليها جهاز أمن نميري والتعذيب الذي عانوه على يد أولئك السفاحين من انتهاك لكرامتهم وإنسانيتهم وآدميتهم وشرفهم.
هذا التاريخ الطويل من الإساءات والإهانات الموجّهة للشعب السوداني توحي بأمر واحد فقط، وهو أنّ التنظيمات السياسية الحالية ما هي إلاّ مجرّد عصابات سياسية لا تتورّع عن القيام بأيّ شيء في سبيل مكاسبها الشخصية؛ حتى وإن كان ذلك على جثث المواطنين أو على حساب كرامتهم وحقوقهم ورفاهيتهم.
وإن كان مستشار –لا أقول رئيس- ولكن سفاح جمهورية السودان مصطفى عثمان قد صرّح -دون حياء- بأننا كنا كالشحاذين قبل مجيء ما يُسمى بحكومة الإنقاذ فتلك حقيقة تاريخية لا يعيبها غير استخدامه لصيغة الماضي، فالشعب السوداني تم تشحذيه بمعرفة الحكومات المتتالية، ولم تكن حكومة الإنقاذ بأفضل حالاً من سابقاتها، فإن كان الشعب السودان مارس الشحاذة في أزمنة الديمقراطيات الثلاث، أو الحكومات العسكرية من قبل، فإنهم الآن انقلبوا من شحاذين إلى أضحيات تُساق مرغمة إلى حتفها من أجل أن تظل هذه الحكومة متربعة على عرش الحكم.
نعم كان الشعب السودان شحاذاً حضرة المستشار، ولكن ألم تسأل نفسك: لماذا اضطر الشعب للشحاذة؟ وهل كفّ عنها الآن؟ أولستم أنتم من قاموا ببيع أراضي السودان بمن فيها من مواطنين ومزارع وبهائم لصالح الاستثمارات الأجنبية؟ ألم تقوموا ببيع الأراضي النوبية للحكومة المصرية إبان أزمة الرغيف؟ ألم تقوموا ببيع جزيرة توتي للاستثمارات العربية؟ ألم تبيعوا الأرض التي سيقام عليها مدينة دريم بارك؟
أولستم أنتم من قاموا بمجابهة المواطنين العُزّل في كلما "بالسواطير" دون أن تراعوا حُرمة الإنسان قبل المواطن؟ ألم تُجابهوا مواطني كجبار بالذخيرة الحيّة فقط لأنهم يتمسكون بأراضيهم وحاولوا كشف زيف ادعاءاتكم ومخططاتكم الشرهة في نهب ثروات هذه البلاد بالكذب والتلفيق تحت مسميات "المشاريع التنموية"؟
لا يا سيادة المستشار، نحن لم نكن شحاذين، بل مازلنا كذلك حتى اللحظة. وإن كانت الحكومات السابقة قد علمت على تجويع هذا الشعب وإفقاره ونهبه كل حقوقه، فإن حكومة الإنقاذ –التي أنت مستشار لقائدها- قد مارست ضد هذا الشعب أبشع من ذلك بكثير. فقط حضرة المستشار تذكر قبل أن تقودك العفوية إلى موارد الزلل في خطاباتك القادمة أنّ حكومتكم متهمة بأبشع الجرائم التي يُمكن أن تُرتكب في هذا العالم، وتذكر أن المشاريع التنموية التي تمنون بها على الشعب ليل نهار ما هي إلاّ جزء من حقوقنا، وهي كل واجباتهم التي يتوجب عليكم القيام بها. إنه من العار –حضرة المستشار- أن تمّنوا على مواطني "ألبان جديد" بالكهرباء ونحن في أعتاب القرن الحادي والعشرين!
فقط إن أردت أن تتأكد إن كنا شحاذين أم ما نزال؛ فما عليك إلاّ أن تسأل رئيس جهاز المغتربين عن عدد السودانيين العاملين والمقيمين بالخارج، وتقارن نسبة الاغتراب في الأعوام ما بين (1956-1989) و (1989-2009م) لتعرف الحقيقة التي تحاول تزويرها وإيهام الرأي العام العالمي بها.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق